سورة الأعراف آية 0084 – 01250 ت – تفسير فتح القدير – تفسير الشوكاني


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤

قوله: { وَلُوطاً } معطوف على ما سبق، أي وأرسلنا لوطاً، أو منصوب بفعل مقدّر، أي واذكر لوطاً وقت قال لقومه. قال الفراء: لوط مشتق من قولهم: هذا أليط بقلبي، أي ألصق. قال الزجاج: زعم بعض النحويين أن لوطاً يجوز أن يكون مشتقاً من لطت الحوض إذا ملسته بالطين، وهذا غلط. لأن الأسماء الأعجمية لا تشتق. وقال سيبويه نوح ولوط أسماء أعجمية إلا أنها خفيفة، فلذلك صرفت. ولوط هو ابن هاران بن تارخ، فهو ابن أخي إبراهيم، بعثه الله إلى أمة تسمى سدوم. { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أي الخصلة الفاحشة المتمادية في الفحش والقبح. قال ذلك إنكاراً عليهم وتوبيخاً لهم { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي لم يفعلها أحد قبلكم. فإن اللواط لم يكن في أمة من الأمم قبل هذه الأمة، و «من» مزيدة للتوكيد للعموم في النفي، وإنه مستغرق لما دخل عليه، والجملة مسوقة لتأكيد النكير عليهم والتوبيخ لهم.

قوله: { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ شَهْوَةً } قرأ نافع وحفص على الخبر بهمزة واحدة مكسورة. وقرأ الباقون بهمزتين على الاستفهام المقتضي للتوبيخ والتقريع، واختار القراءة الأولى أبو عبيد والكسائي وغيرهما، واختار الخليل وسيبويه القراءة الثانية، فعلى القراءة الأولى تكون هذه الجملة مبينة لقوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } وكذلك على القراءة الثانية، مع مزيد الاستفهام وتكريره المفيد للمبالغة في التقريع والتوبيخ، وانتصاب { شهوة } على المصدرية، أي تشتهونهم شهوة، ويجوز أن يكون مصدراً في موضع الحال، أي مشتهين. ويجوز أن يكون مفعولاً له، أي لأجل الشهوة، وفيه أنه لا غرض لهم بإتيان هذه الفاحشة إلا مجرد قضاء الشهوة من غير أن يكون لهم في ذلك غرض يوافق العقل، فهم في هذا كالبهائم التي ينزو بعضها على بعض، لما يتقاضاها من الشهوة { مّن دُونِ ٱلنّسَاء } أي متجاوزين في فعلكم هذا للنساء، اللاتي هنّ محل لقضاء الشهوة، وموضع لطلب اللذة، ثم أضرب عن الإنكار المتقدّم إلى الإخبار بما هم عليه من الإسراف الذي تسبب عنه إتيان هذه الفاحشة الفظيعة.

قوله: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } الواقعين في هذه الفاحشة على ما أنكره عليهم منها { إِلا أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم } أي لوطاً وأتباعه { مّن قَرْيَتِكُمْ } أي ما كان لهم جواب إلا هذا القول المباين للإنصاف، المخالف لما طلبه منهم وأنكره عليهم، وجملة: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } تعليل لما أمروا به من الإخراج، ووصفهم بالتطهر، يمكن أن يكون على حقيقته، وأنهم أرادوا أن هؤلاء يتنزهون عن الوقوع في هذه الفاحشة، فلا يساكنونا في قريتنا، ويحتمل أنهم قالوا ذلك على طريق السخرية والاستهزاء، ثم أخبر الله سبحانه أنه أنجى لوطاً وأهله المؤمنين به، واستثنى امرأته من الأهل، لكونها لم تؤمن به، ومعنى: { كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أنها كانت من الباقين في عذاب الله، يقال غبر الشيء إذا مضى، وغبر إذا بقي فهو من الأضداد.

وحكى ابن فارس في المجمل عن قوم أنهم قالوا: الماضي عابر بالعين المهملة، والباقي غابر بالمعجمة. وقال الزجاج: { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أي من الغائبين عن النجاة. وقال أبو عبيد: المعنى { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أي من المعمرين، وكانت قد هرمت، وأكثر أهل اللغة على أن الغابر الباقي.

قوله: { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } قيل: أمطر بمعنى إرسال المطر. وقال أبو عبيدة: مطر في الرحمة وأمطر في العذاب، والمعنى هنا: أن الله أمطر عليهم مطراً غير ما يعتادونه، وهو رميهم بالحجارة كما في قوله:
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[الحجر: 74] { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } هذا خطاب لكل من يصلح له، أو لمحمد صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في هود قصة لوط بأبين مما هنا.

وقد أخرج ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر، عن ابن عباس في قوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } قال: أدبار الرجال. وأخرج ابن عساكر، عن ابن عباس، قال: إنما كان بدء عمل قوم لوط: أن إبليس جاءهم في هيئة صبيّ، أجمل صبيّ رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه، فنكحوه ثم جسروا على ذلك.

وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، عنه، في قوله: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال: من أدبار الرجال، ومن أدبار النساء. وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله: { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } قال: من الباقين في عذاب الله. وأخرج أبو الشيخ، عن سعيد بن أبي عروبة، قال: كان قوم لوط أربعة آلاف ألف.

سورة الأعراف آية 0084 – 00685 ت – تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل – تفسير البيضاوي


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥ ۖ قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا۟ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٨٥وَلَا تَقْعُدُوا۟ بِكُلِّ صِرَٰطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّـهِ مَنْ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ وَٱنظُرُوا۟ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴿٨٦

{ وَلُوطاً } أي وأرسلنا لوطاً. { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } وقت قوله لهم أو واذكر لوطاً وإذ بدل منه. { أَتَأَتُونَ الفَاحِشَةَ } توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح. { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ } ما فعلها قبلكم أحد قط. والباء للتعدية ومن الأولى لتأكيد النفي والاستغراق، والثانية للتبعيض. والجملة استئناف مقرر للإِنكار كأنه وبخهم أولاً بإتيان الفاحشة ثم باختراعها فإنه أسوأ.

{ أَنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ } بيان لقوله: { أَتَأتون الفاحشة } وهو أبلغ في الإِنكار والتوبيخ، وقرأ نافع وحفص «إنكم» على الإِخبار المستأنف، وشهوة مفعول له أو مصدر في موقع الحال وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمية الصرفة، وتنبيه على أن العاقل ينبغي أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد وبقاء النوع، لا قضاء الوطر. { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } إضراب عن الإِنكار إلى الإِخبار عن حالهم التي أدت بهم إلى ارتكاب أمثالها وهي اعتياد الإِسراف في كل شيء، أو عن الإِنكار عليها إلى الذم على جميع معايبهم، أو عن محذوف مثل لا عذر لكم فيه بل أنتم قوم عادتكم الإِسراف.

{ وَمَا كَانَ جَوَابُ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتكُمْ } أي ما جاؤوا بما يكون جواباً عن كلامه، ولكنهم قابلوا نصحه بالأمر بإخراجه فيمن معه من المؤمنين من قريتهم والاستهزاء بهم فقالوا: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَّهِرُونَ } أي من الفواحش.

{ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } أي من آمن به. { إلاَّ امْرَأتَهُ } استثناء من أهله فإنها كانت تسر الكفر. { كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ } من الذين بقوا في ديارهم فهلكوا والتذكير لتغليب الذكور.

{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } أي نوعاً من المطر عجيباً وهو مبين بقوله:
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[الحجر: 74] { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } روي: أن لوط بن هاران بن تارح لما هاجر مع عمه إبراهيم عليه السلام إلى الشام نزل بالأردن، فأرسله الله إلى أهل سدوم ليدعوهم إلى الله وينهاهم عما اخترعوه من الفاحشة، فلم ينتهوا عنها فأمطر الله عليهم الحجارة فهلكوا. وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم.

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً } أي وأرسلنا إليهم، وهم أولاد مدين بن إبراهيم خليل الله شعيب بن ميكائيل بن بسجر بن مدين، وكان يقال له خطيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لحسن مراجعته قومه. { قَالَ يَـا قَوْمٌ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيّنَةٌ مّن رَّبّكُمْ } يريد المعجزة التي كانت له وليس في القرآن أنها ما هي، وما روي من محاربة عصا موسى عليه الصلاة والسلام التنين وولادة الغنم التي دفعها إليه الدرع خاصة وكانت الموعودة له من أولادها، ووقوع عصا آدم على يده في المرات السبع متأخرة عن هذه المقاولة، ويحتمل أن تكون كرامة لموسى عليه السلام أو إرهاصاً لنبوته.

{ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ } أي آلة الكيل على الإِضمار، أو إطلاق الكيل على المكيال كالعيش على المعاش لقوله: { وَٱلْمِيزَانَ } كما قال في سورة «هود» { أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } أو الكيل ووزن الميزان، ويجوز أن يكون الميزان مصدراً كالميعاد. { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ } ولا تنقصوهم حقوقهم، وإنما قال أشياءهم للتعميم تنبيهاً على أنهم كانوا يبخسون الجليل والحقير والقليل والكثير. وقيل كانوا مكاسين لا يدعون شيئاً إلا مكسوه. { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ } بالكفر والحيف. { بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا } بعدما أصلح أمرها أو أهلها الأنبياء وأتباعهم بالشرائع، أو أصلحوا فيها والإِضافة إليها كالإِضافة في { بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ }. { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } إشارة إلى العمل بما أمرهم به ونهاهم عنه، ومعنى الخيرية إما الزيادة مطلقاً أو في الإِنسانية وحسن الأحدوثة وجمع المال.

{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صِرٰطٍ تُوعِدُونَ } بكل طريق من طرق الدين كالشيطان، وصراط الحق وإن كان واحداً لكنه يتشعب إلى معارف وحدود وأحكام، وكانوا إذا رأوا أحداً يسعى فى شيء منها منعوه. وقيل كانوا يجلسون على المراصد فيقولون لمن يريد شعيباً إنه كذاب فلا يفتنك عن دينك ويوعدون لمن آمن به. وقيل كانوا يقطعون الطريق. { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني الذي قعدوا عليه فوضع الظاهر موضع المضمر بياناً لكل صراط، ودلالة على عظم ما يصدون عنه وتقبيحاً لما كانوا عليه أو الإِيمان بالله. { مَنْ ءامَنَ بِهِ } أي بالله، أو بكل صراط على الأول، ومن مفعول تصدون على إعمال الأقرب ولو كان مفعول توعدون لقال وتصدونهم وتوعدون بما عطف عليه في موقع الحال من الضمير في تقعدوا. { وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا } وتطلبون لسبيل الله عوجاً بإلقاء الشبه، أو وصفها للناس بأنها معوجة. { وَٱذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً } عَدَدَكُمْ أو عُدَدَكُمْ. { فَكَثَّرَكُمْ } بالبركة في النسل أو المال. { وَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } من الأمم قبلكم فاعتبروا بهم.

سورة الأعراف آية 0084 – 00538 ت – تفسير الكشاف – تفسير الزمخشري


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤

{ وَلُوطًا } وأرسلنا لوطاً. و { إِذْ } ظرف لأرسلنا. واذكر لوطاً، وإذ بدل منه، بمعنى: واذكر وقت: { قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أتفعلون السيئة المتمادية في القبح { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } ما عملها قبلكم، والباء للتعدية من قولك: سبقته بالكرة، إذا ضربتها قبله. ومنه قوله عليه [الصلاة و] السلام:

(396) ” سبقك بها عكاشة ” { مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } «من» الأولى زائدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق، والثانية للتبعيض. فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملة مستأنفة، أنكر عليهم أوّلاً بقوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } ثم وبخهم عليها فقال: أنتم أوّل من عملها. أو على أنه جواب لسؤال مقدّر، كأنهم قالوا: لما لانأتيها؟ فقال: ما سبقكم بها أحد، فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ } بيان لقوله: أتأتون الفاحشة. والهمزة مثلها في { أَتَأْتُونَ } للإنكار والتعظيم. وقرىء: «إنكم» على الإخبار المستأنف لتأتون الرجال، من أتى المرأة إذا غشيها { شَهْوَةً } مفعول له، أي للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلاّ مجرّد الشهوة من غير داع آخر، ولا ذمّ أعظم منه، لأنه وصف لهم بالبهيمية، [و] أنه لا داعي لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه أو حال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعو إلى اتباع الشهوات وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء، فمن ثم أسرفوا في بعض قضاء الشهوة، حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد. ونحوه
بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ }
[الشعراء: 166]. { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُواْ } يعني ما أجابوه بما يكون جواباً عما كلمهم به لوط عليه السلام، من إنكار الفاحشة، وتعظيم أمرها، ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشرّ كله، لكنهم جاؤا بشيء آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته، من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم، ضجراً بهم وبما يسمعونهم من وعظهم ونصحهم. وقولهم: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش، وافتخاراً بما كانوا فيه من القذارة، كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: أبعدوا عنا هذا المتقشف، وأريحونا من هذاالمتزهد { وَأَهْلَهُ } ومن يختصّ به من ذويه أو من المؤمنين { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } من الذين غبروا في ديارهم، أي بقوا فهلكوا. والتذكير لتغليب الذكور على الإناث. وكانت كافرة موالية لأهل سدوم. وروي: أنها التفتت فأصابها حجر فماتت. وقيل: كانت المؤتفكة خمس مدائن. وقيل: كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة، فأمطر الله عليهم الكبريت والنار. وقيل: خسف بالمقيمين منهم، وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم.

وقيل: أمطر عليهم ثم خسف بهم. وروي: أن تاجراً منهم كان في الحرم فوقف له الحجر أربعين يوماً حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه. فإن قلت: أي فرق بين مطر وأمطر؟ قلت: يقال مطرتهم السماء وواد ممطور. وفي نوابغ الكلم: حرى غير ممطور. وحرى أن يكون غير ممطور ومعنى مطرتهم: أصابتهم المطر، كقولهم: غاثتهم ووبلتهم وجادتهم ورهمتهم. ويقال: أمطرت عليهم كذا، بمعنى أرسلته عليهم إرسال المطر
فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء }
[الأنفال: 32]،
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[هود: 82]. ومعنى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } وأرسلنا عليهم نوعاً من المطر عجيباً يعني الحجارة. ألا ترى إلى قوله:
فَسَاء مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ }
[الأعراف: 84].

سورة الأعراف آية 0083 – 01250 ت – تفسير فتح القدير – تفسير الشوكاني


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤

قوله: { وَلُوطاً } معطوف على ما سبق، أي وأرسلنا لوطاً، أو منصوب بفعل مقدّر، أي واذكر لوطاً وقت قال لقومه. قال الفراء: لوط مشتق من قولهم: هذا أليط بقلبي، أي ألصق. قال الزجاج: زعم بعض النحويين أن لوطاً يجوز أن يكون مشتقاً من لطت الحوض إذا ملسته بالطين، وهذا غلط. لأن الأسماء الأعجمية لا تشتق. وقال سيبويه نوح ولوط أسماء أعجمية إلا أنها خفيفة، فلذلك صرفت. ولوط هو ابن هاران بن تارخ، فهو ابن أخي إبراهيم، بعثه الله إلى أمة تسمى سدوم. { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أي الخصلة الفاحشة المتمادية في الفحش والقبح. قال ذلك إنكاراً عليهم وتوبيخاً لهم { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي لم يفعلها أحد قبلكم. فإن اللواط لم يكن في أمة من الأمم قبل هذه الأمة، و «من» مزيدة للتوكيد للعموم في النفي، وإنه مستغرق لما دخل عليه، والجملة مسوقة لتأكيد النكير عليهم والتوبيخ لهم.

قوله: { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ شَهْوَةً } قرأ نافع وحفص على الخبر بهمزة واحدة مكسورة. وقرأ الباقون بهمزتين على الاستفهام المقتضي للتوبيخ والتقريع، واختار القراءة الأولى أبو عبيد والكسائي وغيرهما، واختار الخليل وسيبويه القراءة الثانية، فعلى القراءة الأولى تكون هذه الجملة مبينة لقوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } وكذلك على القراءة الثانية، مع مزيد الاستفهام وتكريره المفيد للمبالغة في التقريع والتوبيخ، وانتصاب { شهوة } على المصدرية، أي تشتهونهم شهوة، ويجوز أن يكون مصدراً في موضع الحال، أي مشتهين. ويجوز أن يكون مفعولاً له، أي لأجل الشهوة، وفيه أنه لا غرض لهم بإتيان هذه الفاحشة إلا مجرد قضاء الشهوة من غير أن يكون لهم في ذلك غرض يوافق العقل، فهم في هذا كالبهائم التي ينزو بعضها على بعض، لما يتقاضاها من الشهوة { مّن دُونِ ٱلنّسَاء } أي متجاوزين في فعلكم هذا للنساء، اللاتي هنّ محل لقضاء الشهوة، وموضع لطلب اللذة، ثم أضرب عن الإنكار المتقدّم إلى الإخبار بما هم عليه من الإسراف الذي تسبب عنه إتيان هذه الفاحشة الفظيعة.

قوله: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } الواقعين في هذه الفاحشة على ما أنكره عليهم منها { إِلا أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم } أي لوطاً وأتباعه { مّن قَرْيَتِكُمْ } أي ما كان لهم جواب إلا هذا القول المباين للإنصاف، المخالف لما طلبه منهم وأنكره عليهم، وجملة: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } تعليل لما أمروا به من الإخراج، ووصفهم بالتطهر، يمكن أن يكون على حقيقته، وأنهم أرادوا أن هؤلاء يتنزهون عن الوقوع في هذه الفاحشة، فلا يساكنونا في قريتنا، ويحتمل أنهم قالوا ذلك على طريق السخرية والاستهزاء، ثم أخبر الله سبحانه أنه أنجى لوطاً وأهله المؤمنين به، واستثنى امرأته من الأهل، لكونها لم تؤمن به، ومعنى: { كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أنها كانت من الباقين في عذاب الله، يقال غبر الشيء إذا مضى، وغبر إذا بقي فهو من الأضداد.

وحكى ابن فارس في المجمل عن قوم أنهم قالوا: الماضي عابر بالعين المهملة، والباقي غابر بالمعجمة. وقال الزجاج: { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أي من الغائبين عن النجاة. وقال أبو عبيد: المعنى { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أي من المعمرين، وكانت قد هرمت، وأكثر أهل اللغة على أن الغابر الباقي.

قوله: { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } قيل: أمطر بمعنى إرسال المطر. وقال أبو عبيدة: مطر في الرحمة وأمطر في العذاب، والمعنى هنا: أن الله أمطر عليهم مطراً غير ما يعتادونه، وهو رميهم بالحجارة كما في قوله:
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[الحجر: 74] { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } هذا خطاب لكل من يصلح له، أو لمحمد صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في هود قصة لوط بأبين مما هنا.

وقد أخرج ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر، عن ابن عباس في قوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } قال: أدبار الرجال. وأخرج ابن عساكر، عن ابن عباس، قال: إنما كان بدء عمل قوم لوط: أن إبليس جاءهم في هيئة صبيّ، أجمل صبيّ رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه، فنكحوه ثم جسروا على ذلك.

وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، عنه، في قوله: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال: من أدبار الرجال، ومن أدبار النساء. وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله: { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } قال: من الباقين في عذاب الله. وأخرج أبو الشيخ، عن سعيد بن أبي عروبة، قال: كان قوم لوط أربعة آلاف ألف.

سورة الأعراف آية 0083 – 00685 ت – تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل – تفسير البيضاوي


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥ ۖ قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا۟ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٨٥وَلَا تَقْعُدُوا۟ بِكُلِّ صِرَٰطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّـهِ مَنْ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ وَٱنظُرُوا۟ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴿٨٦

{ وَلُوطاً } أي وأرسلنا لوطاً. { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } وقت قوله لهم أو واذكر لوطاً وإذ بدل منه. { أَتَأَتُونَ الفَاحِشَةَ } توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح. { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ } ما فعلها قبلكم أحد قط. والباء للتعدية ومن الأولى لتأكيد النفي والاستغراق، والثانية للتبعيض. والجملة استئناف مقرر للإِنكار كأنه وبخهم أولاً بإتيان الفاحشة ثم باختراعها فإنه أسوأ.

{ أَنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ } بيان لقوله: { أَتَأتون الفاحشة } وهو أبلغ في الإِنكار والتوبيخ، وقرأ نافع وحفص «إنكم» على الإِخبار المستأنف، وشهوة مفعول له أو مصدر في موقع الحال وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمية الصرفة، وتنبيه على أن العاقل ينبغي أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد وبقاء النوع، لا قضاء الوطر. { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } إضراب عن الإِنكار إلى الإِخبار عن حالهم التي أدت بهم إلى ارتكاب أمثالها وهي اعتياد الإِسراف في كل شيء، أو عن الإِنكار عليها إلى الذم على جميع معايبهم، أو عن محذوف مثل لا عذر لكم فيه بل أنتم قوم عادتكم الإِسراف.

{ وَمَا كَانَ جَوَابُ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتكُمْ } أي ما جاؤوا بما يكون جواباً عن كلامه، ولكنهم قابلوا نصحه بالأمر بإخراجه فيمن معه من المؤمنين من قريتهم والاستهزاء بهم فقالوا: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَّهِرُونَ } أي من الفواحش.

{ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } أي من آمن به. { إلاَّ امْرَأتَهُ } استثناء من أهله فإنها كانت تسر الكفر. { كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ } من الذين بقوا في ديارهم فهلكوا والتذكير لتغليب الذكور.

{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } أي نوعاً من المطر عجيباً وهو مبين بقوله:
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[الحجر: 74] { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } روي: أن لوط بن هاران بن تارح لما هاجر مع عمه إبراهيم عليه السلام إلى الشام نزل بالأردن، فأرسله الله إلى أهل سدوم ليدعوهم إلى الله وينهاهم عما اخترعوه من الفاحشة، فلم ينتهوا عنها فأمطر الله عليهم الحجارة فهلكوا. وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم.

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً } أي وأرسلنا إليهم، وهم أولاد مدين بن إبراهيم خليل الله شعيب بن ميكائيل بن بسجر بن مدين، وكان يقال له خطيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لحسن مراجعته قومه. { قَالَ يَـا قَوْمٌ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيّنَةٌ مّن رَّبّكُمْ } يريد المعجزة التي كانت له وليس في القرآن أنها ما هي، وما روي من محاربة عصا موسى عليه الصلاة والسلام التنين وولادة الغنم التي دفعها إليه الدرع خاصة وكانت الموعودة له من أولادها، ووقوع عصا آدم على يده في المرات السبع متأخرة عن هذه المقاولة، ويحتمل أن تكون كرامة لموسى عليه السلام أو إرهاصاً لنبوته.

{ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ } أي آلة الكيل على الإِضمار، أو إطلاق الكيل على المكيال كالعيش على المعاش لقوله: { وَٱلْمِيزَانَ } كما قال في سورة «هود» { أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } أو الكيل ووزن الميزان، ويجوز أن يكون الميزان مصدراً كالميعاد. { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ } ولا تنقصوهم حقوقهم، وإنما قال أشياءهم للتعميم تنبيهاً على أنهم كانوا يبخسون الجليل والحقير والقليل والكثير. وقيل كانوا مكاسين لا يدعون شيئاً إلا مكسوه. { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ } بالكفر والحيف. { بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا } بعدما أصلح أمرها أو أهلها الأنبياء وأتباعهم بالشرائع، أو أصلحوا فيها والإِضافة إليها كالإِضافة في { بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ }. { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } إشارة إلى العمل بما أمرهم به ونهاهم عنه، ومعنى الخيرية إما الزيادة مطلقاً أو في الإِنسانية وحسن الأحدوثة وجمع المال.

{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صِرٰطٍ تُوعِدُونَ } بكل طريق من طرق الدين كالشيطان، وصراط الحق وإن كان واحداً لكنه يتشعب إلى معارف وحدود وأحكام، وكانوا إذا رأوا أحداً يسعى فى شيء منها منعوه. وقيل كانوا يجلسون على المراصد فيقولون لمن يريد شعيباً إنه كذاب فلا يفتنك عن دينك ويوعدون لمن آمن به. وقيل كانوا يقطعون الطريق. { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني الذي قعدوا عليه فوضع الظاهر موضع المضمر بياناً لكل صراط، ودلالة على عظم ما يصدون عنه وتقبيحاً لما كانوا عليه أو الإِيمان بالله. { مَنْ ءامَنَ بِهِ } أي بالله، أو بكل صراط على الأول، ومن مفعول تصدون على إعمال الأقرب ولو كان مفعول توعدون لقال وتصدونهم وتوعدون بما عطف عليه في موقع الحال من الضمير في تقعدوا. { وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا } وتطلبون لسبيل الله عوجاً بإلقاء الشبه، أو وصفها للناس بأنها معوجة. { وَٱذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً } عَدَدَكُمْ أو عُدَدَكُمْ. { فَكَثَّرَكُمْ } بالبركة في النسل أو المال. { وَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } من الأمم قبلكم فاعتبروا بهم.

سورة الأعراف آية 0083 – 00671 ت – تفسير الجامع لأحكام القرآن – تفسير القرطبي


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣

قوله تعالى: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ } أي لُوطاً وأتباعه. ومعنى { يَتَطَهَّرُونَ } عن الإتيان في هذا المأتى. يقال: تطهّر الرجل أي تنزّه عن الإثم. قال قتادة: عابوهم واللَّهِ بغير عَيْب. { مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } أي الباقين في عذاب الله؛ قاله ٱبن عباس وقتادة. غَبَر الشيء إذا مَضَى، وغبر إذا بَقَى. وهو من الأضداد. وقال قوم: الماضي عابر بالعين غير معجمة. والباقي غابر بالغين معجمة. حكاه ٱبن فارس في المجمل. وقال الزجاج: «مِنَ الْغَابِرِينَ» أي من الغائبين عن النجاة وقيل؛ لطول عمرها. قال النحاس: وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى من المعمِّرين؛ أي أنها قد هرمت. والأكثر في اللغة أن يكون الغابر الباقي؛ قال الراجز:

فما وَنَى محمدٌ مذْ أن غَفَرْ له الإلۤهُ ما مضى وما غَبَرْ

سورة الأعراف آية 0083 – 00538 ت – تفسير الكشاف – تفسير الزمخشري


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤

{ وَلُوطًا } وأرسلنا لوطاً. و { إِذْ } ظرف لأرسلنا. واذكر لوطاً، وإذ بدل منه، بمعنى: واذكر وقت: { قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أتفعلون السيئة المتمادية في القبح { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } ما عملها قبلكم، والباء للتعدية من قولك: سبقته بالكرة، إذا ضربتها قبله. ومنه قوله عليه [الصلاة و] السلام:

(396) ” سبقك بها عكاشة ” { مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } «من» الأولى زائدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق، والثانية للتبعيض. فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملة مستأنفة، أنكر عليهم أوّلاً بقوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } ثم وبخهم عليها فقال: أنتم أوّل من عملها. أو على أنه جواب لسؤال مقدّر، كأنهم قالوا: لما لانأتيها؟ فقال: ما سبقكم بها أحد، فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ } بيان لقوله: أتأتون الفاحشة. والهمزة مثلها في { أَتَأْتُونَ } للإنكار والتعظيم. وقرىء: «إنكم» على الإخبار المستأنف لتأتون الرجال، من أتى المرأة إذا غشيها { شَهْوَةً } مفعول له، أي للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلاّ مجرّد الشهوة من غير داع آخر، ولا ذمّ أعظم منه، لأنه وصف لهم بالبهيمية، [و] أنه لا داعي لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه أو حال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعو إلى اتباع الشهوات وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء، فمن ثم أسرفوا في بعض قضاء الشهوة، حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد. ونحوه
بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ }
[الشعراء: 166]. { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُواْ } يعني ما أجابوه بما يكون جواباً عما كلمهم به لوط عليه السلام، من إنكار الفاحشة، وتعظيم أمرها، ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشرّ كله، لكنهم جاؤا بشيء آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته، من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم، ضجراً بهم وبما يسمعونهم من وعظهم ونصحهم. وقولهم: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش، وافتخاراً بما كانوا فيه من القذارة، كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: أبعدوا عنا هذا المتقشف، وأريحونا من هذاالمتزهد { وَأَهْلَهُ } ومن يختصّ به من ذويه أو من المؤمنين { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } من الذين غبروا في ديارهم، أي بقوا فهلكوا. والتذكير لتغليب الذكور على الإناث. وكانت كافرة موالية لأهل سدوم. وروي: أنها التفتت فأصابها حجر فماتت. وقيل: كانت المؤتفكة خمس مدائن. وقيل: كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة، فأمطر الله عليهم الكبريت والنار. وقيل: خسف بالمقيمين منهم، وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم.

وقيل: أمطر عليهم ثم خسف بهم. وروي: أن تاجراً منهم كان في الحرم فوقف له الحجر أربعين يوماً حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه. فإن قلت: أي فرق بين مطر وأمطر؟ قلت: يقال مطرتهم السماء وواد ممطور. وفي نوابغ الكلم: حرى غير ممطور. وحرى أن يكون غير ممطور ومعنى مطرتهم: أصابتهم المطر، كقولهم: غاثتهم ووبلتهم وجادتهم ورهمتهم. ويقال: أمطرت عليهم كذا، بمعنى أرسلته عليهم إرسال المطر
فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء }
[الأنفال: 32]،
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[هود: 82]. ومعنى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } وأرسلنا عليهم نوعاً من المطر عجيباً يعني الحجارة. ألا ترى إلى قوله:
فَسَاء مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ }
[الأعراف: 84].

سورة الأعراف آية 0082 – 01250 ت – تفسير فتح القدير – تفسير الشوكاني


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤

قوله: { وَلُوطاً } معطوف على ما سبق، أي وأرسلنا لوطاً، أو منصوب بفعل مقدّر، أي واذكر لوطاً وقت قال لقومه. قال الفراء: لوط مشتق من قولهم: هذا أليط بقلبي، أي ألصق. قال الزجاج: زعم بعض النحويين أن لوطاً يجوز أن يكون مشتقاً من لطت الحوض إذا ملسته بالطين، وهذا غلط. لأن الأسماء الأعجمية لا تشتق. وقال سيبويه نوح ولوط أسماء أعجمية إلا أنها خفيفة، فلذلك صرفت. ولوط هو ابن هاران بن تارخ، فهو ابن أخي إبراهيم، بعثه الله إلى أمة تسمى سدوم. { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أي الخصلة الفاحشة المتمادية في الفحش والقبح. قال ذلك إنكاراً عليهم وتوبيخاً لهم { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي لم يفعلها أحد قبلكم. فإن اللواط لم يكن في أمة من الأمم قبل هذه الأمة، و «من» مزيدة للتوكيد للعموم في النفي، وإنه مستغرق لما دخل عليه، والجملة مسوقة لتأكيد النكير عليهم والتوبيخ لهم.

قوله: { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ شَهْوَةً } قرأ نافع وحفص على الخبر بهمزة واحدة مكسورة. وقرأ الباقون بهمزتين على الاستفهام المقتضي للتوبيخ والتقريع، واختار القراءة الأولى أبو عبيد والكسائي وغيرهما، واختار الخليل وسيبويه القراءة الثانية، فعلى القراءة الأولى تكون هذه الجملة مبينة لقوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } وكذلك على القراءة الثانية، مع مزيد الاستفهام وتكريره المفيد للمبالغة في التقريع والتوبيخ، وانتصاب { شهوة } على المصدرية، أي تشتهونهم شهوة، ويجوز أن يكون مصدراً في موضع الحال، أي مشتهين. ويجوز أن يكون مفعولاً له، أي لأجل الشهوة، وفيه أنه لا غرض لهم بإتيان هذه الفاحشة إلا مجرد قضاء الشهوة من غير أن يكون لهم في ذلك غرض يوافق العقل، فهم في هذا كالبهائم التي ينزو بعضها على بعض، لما يتقاضاها من الشهوة { مّن دُونِ ٱلنّسَاء } أي متجاوزين في فعلكم هذا للنساء، اللاتي هنّ محل لقضاء الشهوة، وموضع لطلب اللذة، ثم أضرب عن الإنكار المتقدّم إلى الإخبار بما هم عليه من الإسراف الذي تسبب عنه إتيان هذه الفاحشة الفظيعة.

قوله: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } الواقعين في هذه الفاحشة على ما أنكره عليهم منها { إِلا أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم } أي لوطاً وأتباعه { مّن قَرْيَتِكُمْ } أي ما كان لهم جواب إلا هذا القول المباين للإنصاف، المخالف لما طلبه منهم وأنكره عليهم، وجملة: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } تعليل لما أمروا به من الإخراج، ووصفهم بالتطهر، يمكن أن يكون على حقيقته، وأنهم أرادوا أن هؤلاء يتنزهون عن الوقوع في هذه الفاحشة، فلا يساكنونا في قريتنا، ويحتمل أنهم قالوا ذلك على طريق السخرية والاستهزاء، ثم أخبر الله سبحانه أنه أنجى لوطاً وأهله المؤمنين به، واستثنى امرأته من الأهل، لكونها لم تؤمن به، ومعنى: { كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أنها كانت من الباقين في عذاب الله، يقال غبر الشيء إذا مضى، وغبر إذا بقي فهو من الأضداد.

وحكى ابن فارس في المجمل عن قوم أنهم قالوا: الماضي عابر بالعين المهملة، والباقي غابر بالمعجمة. وقال الزجاج: { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أي من الغائبين عن النجاة. وقال أبو عبيد: المعنى { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } أي من المعمرين، وكانت قد هرمت، وأكثر أهل اللغة على أن الغابر الباقي.

قوله: { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } قيل: أمطر بمعنى إرسال المطر. وقال أبو عبيدة: مطر في الرحمة وأمطر في العذاب، والمعنى هنا: أن الله أمطر عليهم مطراً غير ما يعتادونه، وهو رميهم بالحجارة كما في قوله:
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[الحجر: 74] { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } هذا خطاب لكل من يصلح له، أو لمحمد صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في هود قصة لوط بأبين مما هنا.

وقد أخرج ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر، عن ابن عباس في قوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } قال: أدبار الرجال. وأخرج ابن عساكر، عن ابن عباس، قال: إنما كان بدء عمل قوم لوط: أن إبليس جاءهم في هيئة صبيّ، أجمل صبيّ رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه، فنكحوه ثم جسروا على ذلك.

وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، عنه، في قوله: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال: من أدبار الرجال، ومن أدبار النساء. وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله: { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } قال: من الباقين في عذاب الله. وأخرج أبو الشيخ، عن سعيد بن أبي عروبة، قال: كان قوم لوط أربعة آلاف ألف.

سورة الأعراف آية 0082 – 00685 ت – تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل – تفسير البيضاوي


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥ ۖ قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا۟ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٨٥وَلَا تَقْعُدُوا۟ بِكُلِّ صِرَٰطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّـهِ مَنْ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ وَٱنظُرُوا۟ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴿٨٦

{ وَلُوطاً } أي وأرسلنا لوطاً. { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } وقت قوله لهم أو واذكر لوطاً وإذ بدل منه. { أَتَأَتُونَ الفَاحِشَةَ } توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح. { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ } ما فعلها قبلكم أحد قط. والباء للتعدية ومن الأولى لتأكيد النفي والاستغراق، والثانية للتبعيض. والجملة استئناف مقرر للإِنكار كأنه وبخهم أولاً بإتيان الفاحشة ثم باختراعها فإنه أسوأ.

{ أَنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ } بيان لقوله: { أَتَأتون الفاحشة } وهو أبلغ في الإِنكار والتوبيخ، وقرأ نافع وحفص «إنكم» على الإِخبار المستأنف، وشهوة مفعول له أو مصدر في موقع الحال وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمية الصرفة، وتنبيه على أن العاقل ينبغي أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد وبقاء النوع، لا قضاء الوطر. { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } إضراب عن الإِنكار إلى الإِخبار عن حالهم التي أدت بهم إلى ارتكاب أمثالها وهي اعتياد الإِسراف في كل شيء، أو عن الإِنكار عليها إلى الذم على جميع معايبهم، أو عن محذوف مثل لا عذر لكم فيه بل أنتم قوم عادتكم الإِسراف.

{ وَمَا كَانَ جَوَابُ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتكُمْ } أي ما جاؤوا بما يكون جواباً عن كلامه، ولكنهم قابلوا نصحه بالأمر بإخراجه فيمن معه من المؤمنين من قريتهم والاستهزاء بهم فقالوا: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَّهِرُونَ } أي من الفواحش.

{ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } أي من آمن به. { إلاَّ امْرَأتَهُ } استثناء من أهله فإنها كانت تسر الكفر. { كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ } من الذين بقوا في ديارهم فهلكوا والتذكير لتغليب الذكور.

{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } أي نوعاً من المطر عجيباً وهو مبين بقوله:
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[الحجر: 74] { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } روي: أن لوط بن هاران بن تارح لما هاجر مع عمه إبراهيم عليه السلام إلى الشام نزل بالأردن، فأرسله الله إلى أهل سدوم ليدعوهم إلى الله وينهاهم عما اخترعوه من الفاحشة، فلم ينتهوا عنها فأمطر الله عليهم الحجارة فهلكوا. وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم.

{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً } أي وأرسلنا إليهم، وهم أولاد مدين بن إبراهيم خليل الله شعيب بن ميكائيل بن بسجر بن مدين، وكان يقال له خطيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لحسن مراجعته قومه. { قَالَ يَـا قَوْمٌ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيّنَةٌ مّن رَّبّكُمْ } يريد المعجزة التي كانت له وليس في القرآن أنها ما هي، وما روي من محاربة عصا موسى عليه الصلاة والسلام التنين وولادة الغنم التي دفعها إليه الدرع خاصة وكانت الموعودة له من أولادها، ووقوع عصا آدم على يده في المرات السبع متأخرة عن هذه المقاولة، ويحتمل أن تكون كرامة لموسى عليه السلام أو إرهاصاً لنبوته.

{ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ } أي آلة الكيل على الإِضمار، أو إطلاق الكيل على المكيال كالعيش على المعاش لقوله: { وَٱلْمِيزَانَ } كما قال في سورة «هود» { أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } أو الكيل ووزن الميزان، ويجوز أن يكون الميزان مصدراً كالميعاد. { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ } ولا تنقصوهم حقوقهم، وإنما قال أشياءهم للتعميم تنبيهاً على أنهم كانوا يبخسون الجليل والحقير والقليل والكثير. وقيل كانوا مكاسين لا يدعون شيئاً إلا مكسوه. { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ } بالكفر والحيف. { بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا } بعدما أصلح أمرها أو أهلها الأنبياء وأتباعهم بالشرائع، أو أصلحوا فيها والإِضافة إليها كالإِضافة في { بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ }. { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } إشارة إلى العمل بما أمرهم به ونهاهم عنه، ومعنى الخيرية إما الزيادة مطلقاً أو في الإِنسانية وحسن الأحدوثة وجمع المال.

{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صِرٰطٍ تُوعِدُونَ } بكل طريق من طرق الدين كالشيطان، وصراط الحق وإن كان واحداً لكنه يتشعب إلى معارف وحدود وأحكام، وكانوا إذا رأوا أحداً يسعى فى شيء منها منعوه. وقيل كانوا يجلسون على المراصد فيقولون لمن يريد شعيباً إنه كذاب فلا يفتنك عن دينك ويوعدون لمن آمن به. وقيل كانوا يقطعون الطريق. { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني الذي قعدوا عليه فوضع الظاهر موضع المضمر بياناً لكل صراط، ودلالة على عظم ما يصدون عنه وتقبيحاً لما كانوا عليه أو الإِيمان بالله. { مَنْ ءامَنَ بِهِ } أي بالله، أو بكل صراط على الأول، ومن مفعول تصدون على إعمال الأقرب ولو كان مفعول توعدون لقال وتصدونهم وتوعدون بما عطف عليه في موقع الحال من الضمير في تقعدوا. { وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا } وتطلبون لسبيل الله عوجاً بإلقاء الشبه، أو وصفها للناس بأنها معوجة. { وَٱذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً } عَدَدَكُمْ أو عُدَدَكُمْ. { فَكَثَّرَكُمْ } بالبركة في النسل أو المال. { وَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } من الأمم قبلكم فاعتبروا بهم.

سورة الأعراف آية 0082 – 00774 ت – تفسير القرآن الكريم – تفسير ابن كثير


* تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }

أي: ما أجابوا لوطاً إلا أن هموا بإخراجه ونفيه ومن معه من بين أظهرهم، فأخرجه الله تعالى سالماً، وأهلكهم في أرضهم صاغرين مهانين، وقوله تعالى: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال قتادة: عابوهم بغير عيب، وقال مجاهد: إنهم أناس يتطهرون من أدبار الرجال وأدبار النساء. وروي مثله عن ابن عباس أيضاً.

سورة الأعراف آية 0082 – 00671 ت – تفسير الجامع لأحكام القرآن – تفسير القرطبي


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣

قوله تعالى: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ } أي لُوطاً وأتباعه. ومعنى { يَتَطَهَّرُونَ } عن الإتيان في هذا المأتى. يقال: تطهّر الرجل أي تنزّه عن الإثم. قال قتادة: عابوهم واللَّهِ بغير عَيْب. { مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } أي الباقين في عذاب الله؛ قاله ٱبن عباس وقتادة. غَبَر الشيء إذا مَضَى، وغبر إذا بَقَى. وهو من الأضداد. وقال قوم: الماضي عابر بالعين غير معجمة. والباقي غابر بالغين معجمة. حكاه ٱبن فارس في المجمل. وقال الزجاج: «مِنَ الْغَابِرِينَ» أي من الغائبين عن النجاة وقيل؛ لطول عمرها. قال النحاس: وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى من المعمِّرين؛ أي أنها قد هرمت. والأكثر في اللغة أن يكون الغابر الباقي؛ قال الراجز:

فما وَنَى محمدٌ مذْ أن غَفَرْ له الإلۤهُ ما مضى وما غَبَرْ

سورة الأعراف آية 0082 – 00606 ت – تفسير مفاتيح الغيب التفسير الكبير – تفسير الرازي


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق


وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢

والمراد منه أخرجوا لوطاً وأتباعه، لأنه تعالى في غير هذه السورة قال:
أَخْرِجواءَالَ لُوطٍ من قَريَتِكم إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }
[النمل: 56] ولأن الظاهر أنهم إنما سعوا في إخراج من نهاهم عن العمل الذي يشتهونه ويريدونه، وذلك الناهي ليس إلا لوطاً وقومه، وفي قوله: { يَتَطَهَّرُونَ } وجوه: الأول: أن ذلك العمل تصرف في موضع النجاسة، فمن تركه فقد تطهر. والثاني: أن البعد عن الإثم يسمى طهارة فقوله: { يَتَطَهَّرُونَ } أي يتباعدون عن المعاصي والآثام. الثالث: أنهم إنما قالوا: { أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } على سبيل السخرية بهم وتطهرهم من الفواحش، كما يقول الشيطان من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: ابعدوا عنا هذا المتقشف وأريحونا من هذا المتزهد.

سورة الأعراف آية 0082 – 00538 ت – تفسير الكشاف – تفسير الزمخشري


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٨٠ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿٨١ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُۥٓ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُۥ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ ﴿٨٣ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٨٤

{ وَلُوطًا } وأرسلنا لوطاً. و { إِذْ } ظرف لأرسلنا. واذكر لوطاً، وإذ بدل منه، بمعنى: واذكر وقت: { قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أتفعلون السيئة المتمادية في القبح { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } ما عملها قبلكم، والباء للتعدية من قولك: سبقته بالكرة، إذا ضربتها قبله. ومنه قوله عليه [الصلاة و] السلام:

(396) ” سبقك بها عكاشة ” { مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } «من» الأولى زائدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق، والثانية للتبعيض. فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملة مستأنفة، أنكر عليهم أوّلاً بقوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } ثم وبخهم عليها فقال: أنتم أوّل من عملها. أو على أنه جواب لسؤال مقدّر، كأنهم قالوا: لما لانأتيها؟ فقال: ما سبقكم بها أحد، فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ } بيان لقوله: أتأتون الفاحشة. والهمزة مثلها في { أَتَأْتُونَ } للإنكار والتعظيم. وقرىء: «إنكم» على الإخبار المستأنف لتأتون الرجال، من أتى المرأة إذا غشيها { شَهْوَةً } مفعول له، أي للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلاّ مجرّد الشهوة من غير داع آخر، ولا ذمّ أعظم منه، لأنه وصف لهم بالبهيمية، [و] أنه لا داعي لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه أو حال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعو إلى اتباع الشهوات وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء، فمن ثم أسرفوا في بعض قضاء الشهوة، حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد. ونحوه
بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ }
[الشعراء: 166]. { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُواْ } يعني ما أجابوه بما يكون جواباً عما كلمهم به لوط عليه السلام، من إنكار الفاحشة، وتعظيم أمرها، ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشرّ كله، لكنهم جاؤا بشيء آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته، من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم، ضجراً بهم وبما يسمعونهم من وعظهم ونصحهم. وقولهم: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش، وافتخاراً بما كانوا فيه من القذارة، كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: أبعدوا عنا هذا المتقشف، وأريحونا من هذاالمتزهد { وَأَهْلَهُ } ومن يختصّ به من ذويه أو من المؤمنين { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } من الذين غبروا في ديارهم، أي بقوا فهلكوا. والتذكير لتغليب الذكور على الإناث. وكانت كافرة موالية لأهل سدوم. وروي: أنها التفتت فأصابها حجر فماتت. وقيل: كانت المؤتفكة خمس مدائن. وقيل: كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة، فأمطر الله عليهم الكبريت والنار. وقيل: خسف بالمقيمين منهم، وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم.

وقيل: أمطر عليهم ثم خسف بهم. وروي: أن تاجراً منهم كان في الحرم فوقف له الحجر أربعين يوماً حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه. فإن قلت: أي فرق بين مطر وأمطر؟ قلت: يقال مطرتهم السماء وواد ممطور. وفي نوابغ الكلم: حرى غير ممطور. وحرى أن يكون غير ممطور ومعنى مطرتهم: أصابتهم المطر، كقولهم: غاثتهم ووبلتهم وجادتهم ورهمتهم. ويقال: أمطرت عليهم كذا، بمعنى أرسلته عليهم إرسال المطر
فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء }
[الأنفال: 32]،
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ }
[هود: 82]. ومعنى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } وأرسلنا عليهم نوعاً من المطر عجيباً يعني الحجارة. ألا ترى إلى قوله:
فَسَاء مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ }
[الأعراف: 84].

سورة الأعراف آية 0082 – 00310 ت – تفسير جامع البيان في تفسير القرآن – تفسير الطبري


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢

يقول تعالـى ذكره: وما كان جواب قوم لوط للوط إذ وبخهم علـى فعلهم القبـيح وركوبهم ما حرّم الله علـيهم من العمل الـخبـيث إلا أن قال بعضهم لبعض: أخرجوا لوطاً وأهله ولذلك قـيـل: أخرجوهم، فجمع وقد جرى قبل ذكر لوط وحده دون غيره. وقد يحتـمل أن يكون إنـما جمع بـمعنى: أخرجوا لوطاً ومن كان علـى دينه من قريتكم، فـاكتفـى بذكر لوط فـي أوّل الكلام عن ذكر أتبـاعه، ثم جمع فـي آخر الكلام، كما قـيـل:
يا أيُّها النَّبِـيُّ إذَا طَلَّقْتُـمُ النِّساءَ }
وقد بـيَّنا نظائر ذلك فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع. { إنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ } يقول: إن لوطاً ومن تبعه أناس يتنزّهون عما نفعله نـحن من إتـيان الرجال فـي الأدبـار.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هانىء بن سعيد النـخعي، عن الـحجاج، عن القاسم بن أبـي بزة، عن مـجاهد: { إنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال: من أدبـار الرجال وأدبـار النساء.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن مـجاهد: { إنَّهُم أُناسٌ يَتطَهَّرُونَ } من أدبـار الرجال وأدبـار النساء.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحجاج، قال: ثنا حماد، عن الـحجاج، عن القاسم بن أبـي بزة، عن مـجاهد فـي قوله: { إنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال: يتطهرون من أدبـار الرجال والنساء.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الـحسن بن عمارة، عن الـحكم، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { إنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال: من أدبـار الرجال ومن أدبـار النساء.

حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { إنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ } قال: يتـحرّجون.

حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { إنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ } يقول: عابوهم بغير غيب، وذموهم بغير ذم.

Pembangunan industri lebah kelulut di Malaysia



2 Mei 2016

VARIA

Pembangunan industri lebah kelulut di Malaysia

Lebah kelulut menghasilkan tiga jenis produk utama iaitu madu, propolis dan roti lebah.

 

Berdasarkan kajian yang dijalankan di seluruh dunia menunjukkan sehingga kini terdapat lebih 500 spesies lebah kelulut, manakala di Malaysia sebanyak 33 spesies direkodkan.

Dua spesies yang diternak secara komersial bagi tujuan madu dan pendebungaan ialah Heterotrigona itama dan Geniotrigona thoracica.

Geniotrigona thoracica telah direkodkan kehadirannya di Myanmar, Thailand, Singapura, Malaysia, Indonesia dan Brunei. Kebiasaannya lebah kelulut spesies ini boleh ditemui di lubang-lubang besar pada batang pokok seperti citrus limon, keruing, cengal, belimbing, kedondong dan rambutan.

Spesies Heterotrigona itama pula mudah ditemui di kawasan perkampungan dan bersarang pada pokok kelapa, belimbing dan rambutan. Spesies ini telah direkodkan kehadirannya seperti di Myanmar, Thailand, Malaysia, Singapura, Indonesia dan Brunei.

Lebah kelulut boleh dikenal pasti dengan melihat pada morfologinya seperti warna badan dan bentuk pintu masuk sarang seperti berikut:

Lebah kelulut menghasilkan tiga jenis produk utama iaitu madu, propolis dan roti lebah. Penghasilan madu lebah kelulut boleh mencapai sehingga 1 kilogram (kg)/koloni/bulan pada musim bunga dengan sumber makanan yang mencukupi. Sebagai panduan, koloni yang sihat akan mempunyai kadar FIFO (kadar keluar masuk) antara 150 hingga 250 ekor seminit.

Penuaian hasil madu bagi penternak kelulut di Malaysia dibuat pada musim aktif iaitu Januari hingga Oktober, manakala November dan Disember merupakan musim tidak aktif kerana tengkujuh.

Selian madu, propolis dan roti lebah kelulut boleh diproses untuk dijadikan sebagai produk hiliran.

 

Potensi

Potensi purata pendapatan daripada penternakan lebah kelulut secara komersial ialah sebanyak 80kg sebulan dengan skala penternakan sebanyak 100 koloni lebah kelulut yang sihat dengan mengambil kira harga purata RM150 hingga RM200 sekilogram.

Selain daripada madu, terdapat juga produk yang turut menyumbang kepada pendapatan penternak lebah kelulut seperti propolis dan roti lebah yang boleh diproses untuk dijadikan produk hiliran seperti propolis drop, sabun muka propolis, losyen, syampu dan roti lebah.

Jabatan Pertanian sedang berusaha mewujudkan Pusat Koleksi Lebah Kelulut bagi bertujuan dijadikan tempat rujukan dan kajian para penyelidik tempatan dan luar negara serta lokasi aktiviti pelancongan di Malaysia dan rantau ini.

Sehingga kini, terdapat 25 spesies lebah kelulut telah dikenal pasti serta terkumpul di Pusat Apiari Terengganu dan usaha ini masih diteruskan. Semoga usaha yang dijalankan oleh Jabatan Pertanian ini akan mempercepatkan lagi pembangunan industri lebah kelulut di Malaysia serta memberi manfaat kepada penternak kelulut pada masa hadapan.

Artikel Penuh: http://www.kosmo.com.my/kosmo/content.asp?y=2016&dt=0502&pub=Kosmo&sec=Varia&pg=va_02.htm#ixzz47UJRXETo
Hakcipta terpelihara

Program Bassita salur air buat warga Mesir



2 Mei 2016

RENCANA UTAMA

Program Bassita salur air buat warga Mesir

Tenaga kerja untuk program Bassita sentiasa berusaha meningkatkan jumlah dana bantuan buat keluarga daif di Mesir.

 

SEORANG ibu di Mesir, Aaz Menhom menadah air menggunakan tangannya daripada sebuah pili di halaman rumah untuk memberikan anak-anaknya, Atef dan Nada minum.

“Ia merupakan rahmat Tuhan. Sebelum ini, anak-anak saya hanya dapat mandi sekali dalam empat hari tetapi kini mereka boleh membersihkan diri setiap hari,” katanya sambil tersenyum.

Menhom, 27, merupakan antara keluarga yang berkongsi bilik separa berperabot di kediaman satu kamar bersama kakaknya dan lima anak saudara. Dalam keadaan daif, dia pernah meminta dari pintu ke pintu untuk mendapatkan bekalan air.

Berbekalkan baldi, dia terpaksa mengulangi proses yang meletihkan itu beberapa kali sehari supaya dia boleh melakukan kerja-kerja hariannya.

Kini, semuanya telah berubah apabila clickfunding, sebuah konsep yang dilancarkan di Mesir oleh program perniagaan permulaan, Bassita. Program itu telah mengubah kehidupan Menhom menjadi lebih baik.

Kumpul dana

Bassita yang bermaksud mudah dalam bahasa Arab sedang menggembleng kelebihan internet yang semakin meningkat di negara ini dan mengumpul dana melalui kempen rangkaian sosial.

Ia menyiarkan gambar dan video daripada projek mikro pembangunan, dan penaja akan berpeluang untuk memberikan sumbangan apabila jumlah share (kongsi) dan like meningkat.

“Anda hanya mempunyai satu klik untuk mengubah dunia.” Ia merupakan slogan yang terpampang di laman web, bassita.org yang diasaskan pada 2014 oleh dua orang lelaki Perancis berusia 30-an yang menetap di Kaherah, Alban Menonville dan Salem Massalha.

Menurut Menonville, matlamat Bassita adalah untuk merevolusikan pengiklanan dalam talian.

“Jika saya mahu pengiklanan di Facebook untuk mendapat capaian satu juta orang, syarikat itu akan memberikan saya harga untuknya.

“Daripada menghabiskan modal untuk itu di Facebook, lebih baik idea ini disalurkan buat membayar sesuatu yang positif dan pengguna internet akan memberikan ketelusan untuk itu.

“Pengguna menjadi dermawan,” kata Massalha yang berasal dari Mesir. Setakat yang kita tahu, tidak ada orang lain menggunakan model ini,” katanya.

Syarikat itu juga telah mencapai kejayaan dalam bidang-bidang lain.

Bekerjasama dengan pakar optik Kaherah, mereka berkempen pada 2014 untuk membiayai 1,000 pasang cermin mata buat tukang kayu dan wanita termasuk penyulam yang miskin di wilayah Fayoum, barat daya Kaherah.

Menhom (kiri) bersama anaknya, Atef (depan) dan Nada di kediaman mereka yang usang di Mesir.

 

Perubahan dramatik dalam kehidupan Menhom merupakan hasil daripada kempen bersama dengan Tabung Darurat Kanak-kanak Pertubuhan Bangsa-Bangsa Bersatu (UNICEF) untuk membekalkan air buat 1,000 rumah di selatan Mesir.

Kira-kira 7.5 juta orang di Mesir tidak mempunyai akses kepada air bersih di rumah mereka.

Sebuah rakaman video yang menunjukkan pelawak, Maged al-Kedawny menampilkan hashtag Arab klik bersambung dengan air, telah dilayari di Facebook lebih dua juta kali dalam tempoh tiga hari selepas pelancaran kempen tersebut pada Februari lalu.

Menurut UNICEF, 100 buah rumah telah disambungkan kepada bekalan air paip sejak pertengahan bulan Mac lalu.

“Dalam tempoh enam bulan akan datang, sebanyak 1,000 rumah dari empat wilayah akan disambungkan dengan bekalan air bersih,” kata jurucakap UNICEF di Mesir, Bruno Maes.

Anugerah

Beberapa buah syarikat telah membiayai projek tersebut sebanyak AS$170,000 (RM664,572) yang merangkumi program kesedaran kebersihan.

Antara penaja yang terlibat ialah syarikat gergasi dari Amerika Syarikat, SC Johnso, Wadi Degla Mesir dan Emirati ride hailing app Careem.

“Pada akhirnya, semua pihak adalah pemenang. Sekiranya lebih ramai orang yang mengetahui akan kempen tersebut, dana diperoleh akan semakin meningkat. Hala tuju kami akan lebih telus buat syarikat-syarikat rakan kongsi,” kata Pengarah Careem di Mesir, Shalaby Hadeer.

Bassita yang memenangi anugerah Orange Prize 2015 untuk usaha sosial di Afrika, mahu memperluaskan lagi kisah kejayaannya kepada orang ramai.

“Eropah memerlukan projek alam sekitar, Afrika mungkin lebih memerlukan dalam aspek kesihatan dan pengangkutan. Model ini boleh digunakan untuk semua masalah tersebut,” kata Menonville. – AFP

Artikel Penuh: http://www.kosmo.com.my/kosmo/content.asp?y=2016&dt=0502&pub=Kosmo&sec=Rencana_Utama&pg=ru_03.htm#ixzz47UJKSlk5
Hakcipta terpelihara

Fungsi lutut tidak normal



2 Mei 2016

RENCANA UTAMA

Fungsi lutut tidak normal


 

POP! itulah bunyi letupan pada bahagian lutut yang didengari oleh Akmal Rizal Ahmad Rakhli, 34, sebaik sahaja kakinya mencecah permukaan padang.

“Selepas kaki mencecah permukaan padang saya terus hilang keseimbangan badan dan terjatuh kemudian terasa sakit pada bahagian lutut sebelah kiri.

“Saya cuba untuk menggerakkan kaki sebelah kiri untuk bangun semula tetapi kesakitan yang dirasai pada bahagian lutut memang sukar untuk diungkap dengan kata-kata,” jelasnya.

Menurut Akmal, tidak lama selepas itu pasukan fisioterapi datang untuk melihat kecederaan yang dialaminya.

Lututnya cuba digerakkan dan digoyangkan. Pakar fisioterapi menyatakan bahawa dia tidak boleh meneruskan perlawanan dan perlu diusung keluar dari padang untuk menerima rawatan.

Ketika dirawat di luar padang Akmal dimaklumkan mengalami kecederaan lutut pada bahagian Ligamen Krusiat Anterior atau Anterior Cruciate Ligament (ACL).

Beberapa hari selepas perlawanan, Akmal merujuk kepada doktor pakar dan melakukan imbasan pengimejan resonans magnetik (MRI) bagi mengetahui tahap kecederaan ACL yang dialaminya.

Berdasarkan imbasan MRI, doktor menyatakan bahawa ligamen ACLnya putus dan perlu melakukan pembedahan sekiranya mahu kembali bermain bola seperti biasa.

Menurut Akmal, dia mengalami kecederaan ACL pada 2006 ketika mewakili pasukannya, Kedah yang ketika itu menentang Kelantan di Stadium Sultan Muhammad IV di Kota Bahru, Kelantan.

“Semasa perlawanan, saya melompat untuk mencabar bola tinggi namun pendaratan kaki yang tidak sempurna menyebabkan saya mengalami kecederaan ACL.

“Dua minggu selepas mendapat kecederaan itu saya melakukan pembedahan di sebuah hospital swasta di Pulau Pinang,” jelasnya yang merupakan bekas penyerang bola sepak kebangsaan.

“Selepas melakukan pembedahan, saya perlu menggantung kasut bola buat seketika kerana perlu menjalani program pemulihan dalam masa enam bulan,” jelasnya.

Kecederaan yang dialaminya itu telah mengganggu prestasinya di atas padang terutama pada tahun pertama selepas pembedahan.

“Rasa sengal dan sakit masih terasa, manakala perasaan takut kecederaan itu berulang menghantui saya,” ujarnya yang kini bekerja sebagai pengulas sukan secara sambilan.

Musuh utama

Dalam pada itu, Pakar Ortopedik, Hospital Pantai Ampang, Dr. Ezlan Merican menjelaskan, ACL adalah salah satu ligamen yang terdapat di dalam sendi lutut setiap individu.

Ligamen ACL terletak di tengah lutut yang menyambungkan tulang paha (femur) kepada tulang kering (tibia).

EZLAN menunjukkan kedudukan ligamen ACL yang terletak di tengah bahagian lutut.

 

“Ligamen ini berfungsi memegang sendi lutut dengan kukuh agar ia stabil ketika digerakkan.

“Kecederaan ACL yang serius boleh menyebabkan sendi mudah terpelecok kerana tidak stabil dan ia boleh menyebabkan kehausan atau kerosakan pada selaput rawan serta kekoyakan kepada struktur miniskus,” jelasnya.

Kecederaan ACL adalah musuh utama kepada ahli sukan terutamanya sukan seperti bola sepak, ragbi, futsal, bola keranjang dan badminton.

“Kebanyakan kecederaan ACL berpunca daripada perubahan arah atau pergerakan secara tiba-tiba, pendaratan yang tidak sempurna ketika melompat atau lutut berputar pada arah bertentangan sehingga boleh menyebabkan ligamen itu putus atau terkoyak,” jelasnya

Ezlan berkata, ligamen yang putus atau terkoyak tidak boleh pulih semula jika tidak dibedah.

“Pesakit masih boleh meneruskan kehidupan seperti biasa jika tidak melakukan pembedahan, namun sukar untuk mereka kembali aktif bersukan dan melakukan aktiviti lasak,” jelasnya.

Tambahnya, kecederaan ACL bukan hanya disebabkan oleh aktiviti bersukan, malahan ia boleh terjadi jika seseorang mengalami kemalangan jalan raya.

“Antara tanda awal seseorang mengalami kecederaan ACL ialah kedengaran bunyi ‘pop’ dari lutut dan seterusnya pemain terasa amat sakit sehingga tidak boleh meneruskan permainan dan lutut akan membengkak dengan agak mendadak,” ujarnya.

Pembedahan

Mereka yang mengalami kecederaan ACL perlu melakukan pembedahan sekiranya mahu kembali aktif bersukan seperti biasa.

“Mereka yang memilih melakukan pembedahan, pakar akan menggantikan ACL yang koyak atau putus dengan tisu lain.

“Tisu yang diganti itu akan mengambil alih fungsi asal ACL. Tisu yang menggantikan ACL itu akan tumbuh pada kedudukan yang sama dengan ACL yang lama,” jelasnya.

Tambahnya, pesakit perlu faham bahawa pemulihan kecederaan lutut bukan sahaja bergantung kepada pembedahan yang berjaya semata-mata.

“Program rehabilitasi atau pemulihan berterusan adalah penting untuk mendapatkan keputusan yang baik.

Rawatan fisioterapi perlu dilakukan selepas pembedahan ACL.

 

“Kebiasaannya, selepas pembedahan ACL, pesakit perlu menjalani fisioterapi sekurang-kurangnya enam bulan untuk pulih sepenuhnya sebelum kembali bersukan,” jelasnya.

Ezlan berkata, kini ramai pesakit tidak menyedari dan mengambil berat mengenai kecederaan ACL.

“Ramai pesakit tidak mendapatkan rujukan pakar apabila mengalami kecederaan ini kerana sakit dan bengkak akan surut setelah beberapa minggu.

“Namun mereka akan menyedari fungsi lutut tidak normal apabila cuba bermain semula dan mendapati lutut senang terpelecok,” jelasnya.

Sementara itu, Hazril Zulkifli, 41, menyatakan, dia terpaksa berhenti bersukan dan melupakan segala aktiviti lasak hampir dua dekad setelah mengalami kecederaan ACL pada 1996.

“Saya mengalami kecederaan itu ketika bermain bola sepak sewaktu menuntut di Universiti Teknologi Malaysia (UTM) di Skudai, Johor. Pada ketika itu, saya tidak mengetahui bahawa ACL saya terkoyak.

“Pada 2003, saya mengambil keputusan untuk melakukan imbasan MRI setelah mendapat nasihat daripada rakan-rakan. Hasilnya, doktor mengesahkan ACL saya terkoyak,” jelasnya.

Tidak sempurna

Katanya lagi, ketika itu apabila bersukan, lututnya mudah terpelecok.

“Sejak itu, saya terpaksa melupakan aktiviti lasak dan bola sepak.

“Kadang-kadang di tempat kerja, ketika berjalan lutut bagaikan tidak stabil dan mudah terpelecok. Hidup saya bagaikan tidak sempurna bila mengalami kecederaan ini kerana pergerakan agak terbatas,” jelasnya.

Memikirkan permintaan anak-anaknya, Hazril mengambil keputusan untuk melakukan pembedahan ACL pada bulan hadapan.

Artikel Penuh: http://www.kosmo.com.my/kosmo/content.asp?y=2016&dt=0502&pub=Kosmo&sec=Rencana_Utama&pg=ru_01.htm#ixzz47UJ39lFO
Hakcipta terpelihara

960,000 kakitangan awam masih belum ada rumah sendiri Artikel Penuh: http://www.kosmo.com.my/kosmo/content.asp?y=2016&dt=0502&pub=Kosmo&sec=Negara&pg=ne_05.htm#ixzz47UIsCXKW Hakcipta terpelihara



2 Mei 2016

NEGARA

960,000 kakitangan awam masih belum ada rumah sendiri

Azih

 

KUALA LUMPUR – Kongres Kesa­tuan Pekerja-Pekerja Di Dalam Per­khidmatan Awam (CUEPACS) mendapati kira-kira 960,000 atau 60 peratus daripada 1.6 juta penjawat awam masih tidak memiliki rumah sendiri.

Presidennya, Datuk Azih Muda berkata, daripada jumlah itu, seba­nyak 75 pera­tus merupakan mereka yang berumur 40 tahun dan ke bawah.

“Sempena Hari Pekerja pada hari ini, kami mahu kerajaan sentiasa mengambil perhatian terhadap keperluan penjawat awam iaitu memiliki kediaman sendiri selain kerajaan perlu memainkan peranan dalam mengawal harga dan menambah rumah mampu milik,” katanya.

Beliau berkata demikian pada sidang akhbar selepas Majlis Sambutan Hari Pekerja CUEPACS yang dirasmikan oleh Menteri Wilayah Persekutuan, Datuk Seri Tengku Adnan Tengku Mansor di Menara Kementerian Perdagangan Antarabangsa dan Industri di sini semalam.

Artikel Penuh: http://www.kosmo.com.my/kosmo/content.asp?y=2016&dt=0502&pub=Kosmo&sec=Negara&pg=ne_05.htm#ixzz47UIv1dYt
Hakcipta terpelihara

Siasat punca Sungai Pahang kering



2 Mei 2016

NEGARA

Siasat punca Sungai Pahang kering

PENTERNAK ikan di Kampung Sanding, Maran terpaksa menggali parit untuk mengalirkan air Sungai Pahang ke sangkar ikan milik mereka semalam.

 

KUANTAN – Menteri Besar Pahang, Datuk Seri Adnan Yaakob mengarahkan agensi kerajaan berkaitan supaya menyiasat dakwaan yang me­ngatakan aktiviti pembalakan di kawasan Ulu Tembeling merupakan punca utama Sungai Pahang kering sekarang.

Mengakui wujud kerja-kerja pembukaan tanah di kawasan tersebut untuk tujuan pertanian dan pembalakan, Adnan menegaskan, fenomena El Nino yang melanda negara kini menjadi penyebab utama penurunan paras air Sungai Pahang sepanjang 495 kilometer.

“Saya telah membaca berita mengenai perkara ini dalam akhbar dua hari lepas (Jumaat) dan percaya berita itu adil. Kita akan minta jabatan-jabatan teknikal berkenaan menjalankan kajian dan membuat laporan kepada kerajaan negeri.

“Kita tidak boleh mengatakan hanya Sungai Pahang kering, sungai-sungai di negeri lain juga mungkin ada yang kering.

“Memang salah satu punca kekurangan air ialah pembukaan hutan disebabkan aktiviti pertanian dan pembalakan. Selain itu, kita ada projek besar empangan hidroelektrik milik Tenaga Nasional Berhad di Sungai Jelai dan Sungai Tekal,” katanya.

Adnan berkata demikian kepada pemberita pada sidang akhbar selepas perlawanan golf amal antara pasukan Menteri Besar dengan bekas pelajar Sekolah Mene­ngah Sains Sultan Ahmad Shah di Mahkota Golf Country Club dekat sini semalam.

Artikel Penuh: http://www.kosmo.com.my/kosmo/content.asp?y=2016&dt=0502&pub=Kosmo&sec=Negara&pg=ne_01.htm#ixzz47UImsjOc
Hakcipta terpelihara

Penduduk Kg. Cham Croum terpaksa tinggal dalam perahu


Penduduk Kg. Cham Croum terpaksa tinggal dalam perahu

MOHAMAD HAFIZ YUSOFF BAKRI  |  02 Mei 2016 1:06 AM
 1  0 Google +0

ABDULLAH IDRIS

PHNOM PEHN, Kemboja 1 Mei – Walaupun Kemboja te­lah lama bebas daripada pe­perangan dan cengkaman rejim Khmer Rouge di bawah pemerintahan Pol Pot, majoriti penduduk khususnya yang beragama Islam masih ketinggalan dan mundur, malah ada yang tidak mempunyai rumah dan menjadikan perahu sebagai tempat berteduh.

Tinjauan Utusan Malaysia yang mengikuti Misi Bantuan Kemanusiaan anjuran Persatuan Alumni Belia 4B Kelantan ke daerah Kandal, Kemboja mendapati, hampir 70 peratus penduduk di Kampung Cham Croum tinggal di dalam perahu kerana kesempitan hidup.

Seorang penduduk, Razali Kassim, 56, berkata, dia tidak pernah memiliki rumah sendiri sepanjang hampir separuh abad hidupnya disebabkan kos untuk membina kediaman terlampau mahal sehingga melebihi RM200,000 hanya untuk membeli sebidang tanah.

Dia yang bekerja sebagai guru agama di Sekolah Al-Nasim me­ngambil inisiatif sendiri membina perahu dengan kos lebih kurang RM10,000 termasuk enjin dan ke­lengkapan lain.

“Perahu ini bukan sahaja dijadikan sebagai tempat tinggal, malah saya gunakan untuk menangkap ikan selepas pulang mengajar di sekolah agama.

“Saya akan menyuruh anak-anak dan isteri tinggal di masjid jika ingin mencari ikan, sama ada untuk dibuat lauk atau dijual. Gaji yang kami terima tidak cukup iaitu lebih kurang RM100 sebulan,” katanya.

Seorang lagi penduduk, Abdullah Idris, 31, yang bekerja sebagai guru yakin bantuan buku dan peralatan persekolahan oleh misi bantuan dari Malaysia mampu memberi peluang kepada kanak-kanak masyarakat Cham mendapat pendidikan lebih baik dan selesa.

“Sistem di sekolah agama berbe­za. Hanya belajar menggunakan pa­pan hitam tanpa buku. Apa yang mereka terima ini sungguh menggembirakan, terutama bantuan buku persekolahan. Saya yakin, semua guru juga akan lebih bersemangat selepas ini untuk mengajar,” ujarnya.

Seorang lagi guru, Khalil Rahman, 42, berkata, sepanjang 17 tahun berkhidmat, hanya beberapa bantuan dalam aspek pendidikan diberikan kepada penduduk di per­kampungan Cham Le dan Cham Croum.

“Anda boleh lihat sendiri ba­gaimana sambutan kanak-kanak di sini apabila menerima buku. Mereka begitu gembira, sampaikan berebut-rebut untuk mendapatkan buku tersebut,” katanya terharu. – UTUSAN

– See more at: http://www.utusan.com.my/berita/komuniti/penduduk-kg-cham-croum-terpaksa-tinggal-dalam-perahu-1.304490#sthash.L3rqIjCt.dpuf